تعيين 30 ألف معلم جديد فى المدارس، كما أعلن الرئيس أمس الأول الاثنين، أمر طيب لا ريب، وأظن أن مدارسنا القديمة والجديدة فى حاجة إلى أضعاف هذا الرقم، حتى تستعيد العملية التعلمية فى مجملها بهاءها المفقود منذ ثلاثة عقود، لكن السؤال الصعب هو: ماذا فى جعبة هؤلاء المعلمين من أفكار؟
بحسبة بسيطة، فإن معظم من سيفوز بهذه الوظيفة لن يتجاوز عمره 35 عامًا على الأغلب، وهو سن يشير إلى أن صاحبه مولود فى مطلع الثمانينيات، وبدأ وعيه يتشكل فى منتصف التسعينيات، أى فى أتعس حقبة فى تاريخ مصر الحديث، حيث النظام البليد لمبارك يستحوذ على السلطة والثروة، تاركا الشعب يتخبط فى وحل الفقر والبطش والأمية والفوضى، حيث ازدياد نشاط الإخوان والجماعات المتاجرة بالدين، الأمر الذى أدى إلى إفساد عقول الصغار والشباب بأفكار تخاصم العصر وتستهلك المجتمع فى قضايا بائسة لا صلة
لها بالواقع، بينما الأمم من حولنا تتعلم وتفكر وتخترع وتتقدم. المعلم الجديد إذن هو ابن هذه الفترة الزمنية التعسة، وبالطبع لا أحد يعرف كم من شبابنا حظى بنعمة التحرر من الأفكار المشبوهة للإخوان وحلفائهم، فإذا تذكرنا أن الآراء المتشددة لهذه الجماعات كان لها حضور أقوى فى الأقاليم والمناطق البعيدة عن القاهرة، فليس من الصعب تخمين مدى تأثر بعض المعلمين الجدد بهذه الآراء!
لا نريد التفتيش فى ضمير أحد، ولا نملك الحكم على عقل إنسان ما دون أن يتحدث ويفعل، ولكن من المؤكد أننا كى نأمن على الأجيال الجديدة من فيروسات الفكر المتخلف الكاره للناس، علينا أن نوفر لهم معلمين يتسمون بسعة الصدر ويتمتعون بعقول نشطة وحيوية ومنفتحة، لا عقول متحجرة.. متخلفة..
تصادق الماضى وتعادى المستقبل. فى ظنى أن الحل الأمثل فى اختيار المعلم المناسب يتمثل فى إجراء اختبار لكل من يتقدم إلى هذه الوظيفة، على أن يتضمن الاختبار التحريرى والشفاهى أسئلة ذكية تكشف
الطبيعة الفكرية للمعلم، وتفصح عن منظومة الآراء التى يؤمن بها، لنختار الأنسب ونردد قول شوقى بحق (قم للمعلم وفِهِ التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولا).